تجمد الجو قليلاً…

شرارات من الكراهية والاحتقار تطايرت بين هولاك وساكار. تاريخ طويل من نظرة التعالي تجاه العفاريت ونظرة الحقد تجاه العمالقة لن يُمحى بسهولة.

لو وقعت هذه المشادة الكلامية بين أي شخصين آخرين، لاندلع قتال كبير بحلول الآن. لكن، لم يُطلق أي منهما هالته حتى، واكتفيا بالتحديق في صمت. ساكار يحدق بهدوء بجلسة معتدلة وأنفاس ثابتة، بينما هولاك متكئ على وسادة ويقهقه في وجهه.

لم يحتج أي منهما لتأجيج هالته أو إظهار نية قتل ليقول للآخر: “أنا قوي، ويمكنني إخضاعك”. كلاهما كان لديه ثقته الخاصة، ثقة لا تتزعزع بغض النظر عن الخصم.

“حسناً، هذا يكفي. بعد قليل، سنقاتل جنباً إلى جنب. إن لم ترغبوا في التعاون، فلا أريد أي احتكاك بينكما”. قال روبين بحزم، ثم التفت نحو ساكار. “يمكنك التحدث، تجاهل هولاك فحسب، فهو على الأرجح سينسى كلامنا حالما ننتهي”.

“…كما يشاء المولى”. عاد ساكار لينظر نحو روبين وقال: “إنه بخصوص ما حدث في المنطقة الجنوبية. أعتقد أن المولى حصل على تقرير بأحداث قد تبدو… غريبة. أليس لديك بعض الفضول، أيها المولى؟”

أمال روبين رأسه قليلاً وفحص ساكار من الأعلى للأسفل مرة أخرى قبل أن يبتسم. في الحقيقة، في اللحظة التي وصل فيها روبين ورأى الضخم القرمزي، أراد أن يسأل فوراً عن المعلومة التي وصلته بشأن هزيمته وتدمير بوابة الفضاء في المنطقة الجنوبية واجتياحها. لكنه لاحظ أن ساكار بلا إصابات، بل بلا خدش، وجلسته الواثقة لا توحي بأنه هُزم بشيء. فوراً، أكد على نظريته الأولى بأنها كانت استراتيجية منه، وقرر ترك الأمر.

إنهم الآن في طريقهم إلى معركة حياة أو موت، فماذا سيفيد التحدث عما حدث في المنطقة الجنوبية؟ كل شيء ضد إمبراطورية البداية الحقيقية سيتحدد بعد قليل، إلا إذا، “…أهنالك شيء لا يمكنه الانتظار؟”

“يمكنك قول هذا”. ساكار شد الحقيبة الجلدية الزرقاء المربوطة حول خصره، جاذباً نظر هولاك، الذي بصق في الأرض مجدداً ونظر بعيداً باشمئزاز عندما عرف مما هي مصنوعة.

بعدها، أخرج ساكار خاتم فضاء وأدخل طاقته فيه. اهتز الخاتم قليلاً في يده حتى: *كراااك*. الصدوع الموجودة بداخله ازدادت شيئاً فشيئاً، ثم انفجر: *بااام*، وخرج منه شيء واحد…

*أووووومننننـــــ*

“…!!”

حول البوابة لم يكن هناك أحد سوى خمسة أشخاص، كل واحد منهم يمكنه قتال جيش بمفرده. ومع ذلك، عندما ظهر ذلك الغرض من الخاتم، فتح الجميع أعينهم على آخرها، خاصةً هولاك، الذي وقف بسرعة وأخذ خطوة للخلف.

“من أين حصلت على هذا الغرض الملعون؟!” صاح هولاك.

لقد كان نفس المكعب الداكن الذي هاجمه فوق جبل الحد الشمالي، آخر شيء رآه قبل أن يلامس الموت بلا حول منه ولا قوة. كيف لا يرتعب عندما يجده بين يدي الشخص الذي تشاجر معه كلامياً قبل قليل؟!

“مذهل…” قال روبين، وأخذ عدة خطوات إلى الأمام وأمسك المكعب بكلتا يديه، ورفعه كأنه يرفع طفلاً بعمر عامين.

“…ذلك الأمير السابع جاء ليهددني بذلك الشيء، لكني حاصرته عند البوابة وأجريت معه اتفاقاً. يعطيني المكعب وفي المقابل أقتل رجاله، وأتظاهر أني مصاب، بل وأسمح له بتدمير البوابة واقتطاع ربع المنطقة الجنوبية”. قال ساكار ببرود. “فوافقت فوراً”.

“أحسنت عملاً!” ضحك روبين بصوت عالٍ. لو حاول ساكار الإصرار على قتله أو أخذ المكعب دون مقابل، كان سيقوم بتفعيله ببساطة. عندها، كانت البوابة ستُدمر وربما ساكار سيصاب مجدداً، وبالطبع، كانوا سيفقدون المكعب!

“هو أعطاك غرضاً بهذه القيمة فحسب؟” قال قيصر وهو يأخذ بضع خطوات نحو المكعب. كانت هذه أول مرة يراه، وكان الفضول يأكله منذ سمع بكل تلك الأقاويل عن حادثة نيهاري حياله!

“لقد تردد كثيراً خشية ما سيفعله به أبوه عندما يعرف أنه أخذه، لكنه في النهاية تنهد مرتاحاً. قال إن جابا وأباه متخاصمان، وإن جابا لا يُفعّل مصفوفات المراقبة المباشرة منذ فترة، لذا على الأرجح لا يرانا ونحن نتكلم. في النهاية، وبعد العديد من المفاوضات، سلمني إياه وبدأنا تلك المسرحية.” رفع ساكار كتفه،

ثم أضاف: “هو الآن يتظاهر بأنه انتصر ضدي دون استخدام المكعب، ويتظاهر أن المكعب الداكن ما يزال في حوزته، ولا يريد العودة إلى مدينة الأمل حتى لا يواجه والده. لهذا طلب مني أن يتمكن من التقدم في المنطقة الوسطى ويحرز بضع انتصارات ليكون له حجة ألا يعود.”

“ألن يُفتضح أمره في النهاية؟” عقد ريتشارد حاجبيه قليلاً، وهو يتساءل: “عندما يعود ليلتقي والده، فأول شيء سيُطلب منه هو تسليم المكعب بالتأكيد. ذلك الشيء يمكنه تدمير عوالم!”

“أن تموت غداً أفضل من أن تموت اليوم.” التفت ساكار نحو ريتشارد بحسن نية. “لا بد أنه يأمل أن ننتصر نحن اليوم حتى يتمكن من أخذ سفينته والهروب.”

عندما سمع روبين تلك الكلمات، ألقى نظرة جانبية نحو ساكار، الذي بدوره أومأ بابتسامة مرعبة. “لا تقلق، كل شيء محسوب حسابه.”

عاد روبين ليفحص المكعب يميناً ويساراً، وكانت عيناه تتوهجان بالذهبي كمصباحين بعد تفعيل عيني الحقيقة بنسبة 100%. “…لا أفهم شيئاً. النقوش على المكعب والأنماط على الهالة التي تنبعث منه كلها من الدرجة الخامسة على الأقل.”

ثم ألقى نظرة سريعة نحو ساكار والبقية. “ما رأيكم؟ هل نأخذه معنا ونفعّله ضد بايثور؟”

“لااا!!” صاح ساكار وقيصر وريتشارد، وحتى هولاك، في اللحظة نفسها.

“هاها، حسناً، حسناً، أنا أمزح فقط.” لوّح روبين بطريقة ساخرة… يقوم بتفعيله؟ ربما، لو كان يريد الموت!

المكعب الداكن ليس كقنبلة يمكنه أن يقوم بتفعيلها، يُلقيها ثم يركض. ساكار وهولاك تحدثا بشكل واضح جداً أن الظل كان له وعي، ولو بسيط. لو قام بتفعيله، فعلى الأرجح الظل سيهاجمه هو!

هوووش بجوار روبين ظهر ثيو. ألقى نظرة جانبية على الأربعة الآخرين، ثم قبض يديه بقلة حيلة ونظر نحو الأرض هامساً: “أبي، لقد جاءنا تقرير من الكوكب أر-3. الجنرالة إليزابيث وجيشها بخير، لكن المعارك ما تزال مستعرة.”

“أوه؟ هاها، هذه أخبار مذهلة!” قال روبين وألقى المكعب على إحدى يديه وربت على ظهر ثيو بالأخرى. “لقد رفعت معنوياتنا زيادة يا ولدي، شكراً لك!”

“فيو~” تنهد قيصر وأغلق عينيه قليلاً. هذا جزء كبير من جيشه. كجنرال أعلى، بالطبع كان قلقاً عليه.

“أعتذر عن إزعاجكم. يمكنك المتابعة.” بخطوة للخلف، اختفى ثيو مجدداً.

نظر ريتشارد نحو الموقع الذي اختفى فيه ثيو لبضع ثوانٍ قبل أن يلتفت نحو والده. “الأخ الثاني ثيو يشعر بالغيرة.”

“…سأفكر له في شيء إن عِشنا.” رفع روبين كتفيه. كيف له ألا يلاحظ؟ إنه ابنه بالتبني، مثله مثل قيصر، كما انه قضى معه وقتاً أكثر من ريتشارد، ومع ذلك قوته لا ترقى لأي منهما، ليس لأنه غير موهوب بل لأنه روبين اعطى الاثنان الاخران قوة فريده و هو لا!

بعدها مباشرةً، أخرج روبين خاتماً فضائياً فارغاً من داخل خاتمه الفراغي، ووضع فيه المكعب بصعوبة. ثم طق بإصبعه وأشار للبقية بأن يقوموا. “آن الأوان.”

أخذ قيصر خطوتين نحو ريتشارد وشده ليقف، ثم أومأ الاثنان لبعضهما.

أطلق ساكار زفيراً طويلاً، ثم وقف ببطء. جسده الضخم وقرناه المخيفان جعلاه جاذباً جداً للأنظار.

على الجانب الآخر، طق هولاك رقبته يميناً ويساراً بيديه وبدأ يقفز في مكانه عدة مرات.

بززززتتتـ
بعدما قام بربط البوابة، التفت روبين للخلف وأطال نظرته نحو الأربعة. ثم واضعاً يديه خلف ظهره، تكلم مبتسماً:
“لقد طالت هذه الحرب كثيراً. قُتل فيها المليارات ونُزح فيها عشرات المليارات. لا تدخروا جهداً. سواء انتصرنا أو هُزمنا، هذه الحرب ستنتهي اليوم، على يدنا نحن الخمسة.”

بعدها تلقى إيماءات عازمة من الجميع، ثم التفت ودخل البوابة.


نهاية مجلد صراع الأباطرة

غداً بداية مجلد “موطئ قدم”


================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

إجمالي دعم هذا الشهر:245$.

+ اي 5$ فوق الـ 150$ الاساسيين = فصل اضافي.
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 49/28

جاء لكم الفصل السريع برعاية الاخ

من Zeus

-+=