“لا لا لا..” تمتمت كيري بذهن غائب و هى تنطلق كالسهم، تدعو ان يكون منزل امها نجى بطريقةٍ ما، لكن.. “لا!!”

*سوووش* المنزل كان بعيد بعض الشئ عن نقطة الصراع لذا لم يُسحق تحت اقدام اسياد الحرب، لكن الاحجار المتطايرة من المنازل و السقف سقط عليه، لقد دُمر نصفه تقريباً

“امي.. امي..!!” دخلت كيري بسرعة و بدأت بجنون تحطم الصخور و جزوع الخشب الذي تُشكل سقف البيت، حتى في النهاية لمحت ما تبحث عنه، “امي!!”

“بففــ..” كانت هنالك سيدة عجوز ذات فرو فضي شاحب و عيون بيضاء فارغة، كُرسيها التي تجلس عليه في العادة محطم و هى نفسها كانت تصارع الموت تحت جذع خشبي ضخم!

“ارجوك تماسكي!” كيري ركلت الجذع بسرعة و حضنت امها، عيناها ممتلئتان بالدموع، “انا اسفة.. انه خطئي.. انه خطئي..”

*بوووم* *بوووم*

“اااااااهههـ—!!”

من ورائها كانت المعركة تشتعل اكثر و أكثر، السقف وصل لدرجة حرارة غير طبيعية و بدأ ينصهر فوق رؤوس انصاف القطاط

“إبنتي… انه ليس.. خطأك..” بصعوبة تكلم الملكة تاو و حاولت رفع يدها لتلمس خد ابنتها

كيري رفعت يد امها و اوصلتها لوجهها، ثم تابعت باكية، “بل خطئي، لا اعرف كيف وصلوا لهذا المكان لكنهم بالتأكيد تبعوني، انا السبب… كل ما خططت له ضاع هدراً، كان علي تدبير اموري في الخارج بمفردي…” *شم* *شم*

“ابنتي.. الاوان لم يفت.. بعد..” بصوت رقيق يحاول التمسك بطرف الحياة تمتمت الملكة تاو

“هل لديك نصيحة يا امي؟!” عينا كيري فُتحتا كالمصابيح

“ابنتي.. اخرجي و اعلني الإستسلام.. لعلهم.. لعلهم يتركوا بعضنا احياء.” الملكة تاو بعدها بدأت تكح دماً *كح* *كح* ثم بصعوبة اكملت كلامها، “لو استمرت تلك المعركة… سنفنى.. سيفنى الجميع..”

“لكن…” نظرت كيري نحو ساحة المعركة بأسى و ثِقل، في هذه اللحظة كانت القطاط تحاول تجاهل الحرارة التي بدأت تحرق الفرو الذي يغطى اجسادهم و قفزوا على اسياد الحرب و على جيش البداية الحقيقية الذي ما يزال يتدفق من البوابات الاربعة، لكن هذا الصدام المباشر الناتج عن اليأس زود تعداد الضحايا في صفوفهم فحسب، كمية الدماء المتناثرة و الجثث المحروقة تراكمت لمعدل مخيف.

“إبنتي.. إجج… في الماضي تمكننا من النهوض.. بعدما قتلوا جدتك، و بعدما قتلوا كل الاهالي.. لأن الجيش كان ما يزال حاضر… ان استمرت هذه المعركة و مات كل افراد عرقنا الاقوياء.. لن يبق مقاتل يعلق عليه البقية الامل، لن يبقى احد من العائلة الملكية ليحمل الراية، لن.. يكون لدى عرقنا مستقبل.” حاولت الملكة التاو التنفس بصعوبة، “افعليها يا ابنتي.. قد يكرهوك قليلاً، لكن بعد سنوات.. سيُقدروا ما فعلتيه اليوم.. إستسلمي لعلنا نجد فيهم خيراً.”

“….” حدقت كيري في عينا والدتها العمياء لعدة ثوانٍ، بعدها اومئت عدة مرات، ثم وضعتها ببطئ على الارض و اعطتها ظهرها، تتهيئ للذهاب و اعلان الإستسلام..
لكنها توقفت بعد عدة خطوات، و نظرت للخلف بنظرة باردة، “ما اسم ابي؟”

“ااه.. ااه.. هوو..” المرأة العجوز امسكت قلبها و بدأت تتلو من الام، حاولت تتحدث لكن لم يخرج صوت من فمها

رفعت كيري حاجب واحد ثم امسكت بالخنجر، “امي ليست بهذه الضعف، سأمهلك ثلاث ثوان للإجابة… ما اسم ابي؟”

“….هيهيهي” رفعت المرأة العجوز رأسها ثم بدأت تضحك بمكر، “و من يعرف~”

*سووش* “رفعت كيري نصلها للأعلى، عيناها مفتوحتان للأخر و فروها مشدود تستعد للهجوم، “تكلم ايها الشبح، اين امي؟!”

“اوه؟ هل يمكنني ان اسأل كيف عرفتي؟” ابتسامة المرأة العجوز العمياء كانت تقبض القلب و كأنها نابعة من شبح

“كلمة الإستسلام هى اخر شئ ستنطق به الملكة تاو، انها تفضل فناء عرقنا بالكامل على قول تلك الكلمة!!” صاحت كيري مجدداً، تريد قتل اياً كان الشئ امامها لكنها تخشى ان لا تعرف مكان والدتها

“هاهاها” وجه المرأة العجوز بدأ يتغير بسرعة و جسمها بدأ يتضخم و يتجمل حتى تحولت لمرأة بشرية في ريعان شبابها، مستديرة الوجه كبيرة العينين، “همم معقول، لكن يا له من سؤال الذي اخترتيه… من يعرف ما اسم والدك يا حلوة؟ خلال الايام الثلاث الماضية اختطفت عدد من ساكني الطين و إستجوبتهم جميعاً، لا احد يعرف عن اصلك شئ غير امك، انتي ابنة زنا على الارجح جلبتك للحياة عن طريق معاشرة احدى الكلاب الضالة لكنك تسألي بفخر و كأنه اعظم اسرارك.”

“لا…” تراجعت كيري عدة خطوات حتى ارتطمت بحجر و سقط، “انتي.. انتي ميتة! انا قطعت رأسك بنفسي!!”

بالطبع الواقفة امامها لم تكن سوى إليزابيث، و لا يبدو عليها خدش واحد!

“اي نوع من الوحوش انتي!!” كيري صرخت و نست انها تريد معرفة مكان امها، إنتفضت ببساطة من الارض واثبة نحو إليزابيث بعينان تنبضان بنية القتل *سلااااش*
*بااانج*

في مشهد مألوف، رأس إليزابيث سقطت على الارض و تدحرجت قليلاً قبل ان تتوقف

“هاي، هذا سيشوه منظري اللطيف، هلا نضجتي قليلاً؟” رأس إليزابيث، جسدها اخذ خطوتين و إلتقط الرأس المقطوع، ثم رأسها تابع الكلام على اي حال و هو يتم قذفه للأعلى ككرة جلدية، “ربما علينا ان نتعقل قليلاً الان؟ قتل هذا المجسم لن يمنحك شيئاً.”

“كيف… كيف؟!” الهلع و الخوف سيطر على قلب كيري و قدماها

ضحك رأس إليزابيث، “هيهي انها خدعة بسيط عندما يكون لديك تحكم كامل في الدرجة الرابعة مسار النباتات، ألا تعلمي ان هنالك نباتات بجميع الألوان و الاشكال؟ و نباتات تنتج سائل كالدماء و اخرى لها ملمس البشرة؟ صنع هذا الجسد تطلب بعض المعرفة الاساسية بأنواع النباتات المختلفة فقط، ثم أتت الدرجة الاولى من قانون الحياة، و الدرجة الاولى من قانون الروح لعمل رابط معه… ماذا اقول، انا احب دراسة الكثير من القوانين لتوسعة آفاقي هيهي” و في النهاية جسدها امسك الرأس و وضعه مكانه كأنه يركب مصباح

“مجسم؟ طوال ذلك الوقت…” فتحت كيري عيناها على اخرها، ثم صاحت منفعلة “ألم تقولي انك ستثقي بي؟ كلكم واحد! كلكم خونة!!”

“هاهاها انظروا من تتكلم!” ضحكت إليزابيث بلطافة، “لقد جئت معك بجسدي الحقيقي بالفعل، حتى لاحظت نظراتك المتكررة للخلف و الانحناءات الغير مبررة في الطريق، فقمت بتبديل جسدي بواحد اخر بدون ان تشعري. صحيح اني لست الاقوى بين جينرالات معاليه و ربما لست الافضل من حيث قيادة الجيش، لكني لم أولد بالامس ليتم اغتيالي على يد طفلة مثلك و جحشة مثلها، عندما كنت أدير منظومات الاستخبارات و اعيث فساداً في الامبراطوريات الاربعة الاخرى لم تكن والدتك إعتلت عرشها بعد!”

*كررر*

بجوار كيري خرج عدد من الجزوع و الاوراق ثم كمية من السوائل من الارض و بدأت يتجمعوا حتى اخذوا شكل إليزابيث اخرى، ثم اخرى، ثم اخرى… اقرب واحدة منهم امسكت كيري من شعرها القصير، “اااه!!” ثم سحبتها نحو ساحة المعركة و رفعتها للأعلى، “أتحسبون ان العالم الخارجي ملئ بالورد و السلام؟ و مع ذلك قد رافقتك بجسدي الحقيقي و لدي حسن نية لعقد اتفاق يعطيكم حياة كريمة، لكن ماذا فعلت انتِ؟ انظري ما فعلتيه بشعبك! انظري عاقبة افعالك!!”

“..الرحمة.. أمريهم ان يتوقفوا.. ارجوكي..” تكلمت كيري بضعف، لم يبق في جسدها اي نية للقتال، ماذا ستسفيد حتى لو قطعت كل تلك التجسيدات النباتية؟ كيف سيساعد هذا في انقاذ امها و ايقاف مذبحة شعبها؟ هى ستستفز هذه البشرية اكثر فحسب

تحولت نظرة إليزابيث للبرود و حدقت في عينا كيري مباشرة، “…لقد رأيت كل شئ، و سمعت كل شئ حصل لذلك المجسم… حاولت التحدث معكم من خلاله لطلب الرحمة، هل رحمتموني؟ هل يمكنك تخيل رؤية نفسك تُقتلي و اثنان من العاهرات يتكلموا بجانب جثتك و كأنها جيفة كلب!؟ لكن لا بأس…” إبتسامة خفيفة ظهرت على وجهها، “عندما اعطانا معاليه الإذن بالتدمير الكلي لم افهم وقتها لماذا قد يعطينا هكذا تصريح، لكني فهمت بعدما تعاملت معكم، فهمت جيداً.”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

إجمالي دعم هذا الشهر:245$.

+ اي 5$ فوق الـ 150$ الاساسيين = فصل اضافي.
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 49/26

من Zeus

-+=