اذكروا الله


“…تم إخضاع كوكب أر-1 بالكامل.”
“أستمحيك عذراً؟!” قيصر ترك قراءة اللفيفة والتفت نحو ثيو مستغرباً، لا يصدق ما يسمعه. “ماذا تقصد بأنه تم إخضاع الكوكب بالكامل؟”

كان الوضع في الكوكب أر-1 بلا شك سيئاً للغاية. لدى إمبراطورية الثعبان العظيم شوكتان في خاصرتهم؛ الأولى هي كوكب جودا، أو ما يُعرف بـ أر-4، وذلك بسبب الكوكب نفسه ووجود ملك الوحوش “دوفوس المتعالي”، الذي يجعل التحرك هناك شديد الصعوبة.

أما الكوكب أر-1، فهو الأسوأ من ناحية المقاومة الشعبية، نظراً لما يتمتع به السكان المحليون من ألفة مع عدة قوانين، وسرعة تناسلهم، وصعوبة محاصرتهم. حسب المعلومات التي جمعها ثيو من بعض المساجين، فلولا أن هذا الكوكب ينتج نوعاً من الخامات النادرة، لتخلت عنه الإمبراطورية منذ زمن بعيد.

كان وضع أليكساندر السيئ هناك متوقعاً، لكن مجرد حفاظه على تماسكه وقدرته على الدفاع كان يُعد إنجازاً يُحسب له. قيصر كان يتابع أخباره باستمرار، وسمع عن وصول تعزيزات آرو وتسعة كهنة، لكنه سخر منها وتجاهلها. حتى هذه اللحظة، كان ينتظر أن يستريح الجنود قليلاً ليتمكن من إرسالهم كدعم، وكان ينوي إرسال جيش جرينلاند بالكامل، بالإضافة إلى نصف أسياد الحرب.

بقية الجنرالات تركوا ما كانوا يفعلونه ونظروا نحو ثيو باستغراب أيضاً، لكن روبين لم يكن بنفس الدهشة؛ بل ظهرت ابتسامة متحمسة على محياه.

ثيو أخذ نظرة حوله وقال: “هذا ما حدث. بعد وصول آرو والكهنة التسعة إلى كوكب أر-1، رفضوا تدابير أليكساندر وتقدموا نحو الأعداء مباشرةً. والآن، ظهروا مجدداً ومعهم رئيس المقاومة المحلية يداً بيد. لقد استسلموا طواعية!”

“..هاه؟!” ازدادت دهشة قيصر أضعافاً مضاعفة.

“هاهاها!” بدأ روبين يصفق بقوة. “هذا هو آرو، لم يخب ظني به!”

“…أبي، هل تعرف شيئاً عما يحصل؟” التفت قيصر نحو روبين بجدية. من وجهة نظره، لم يكن هناك أي حل في كوكب أر-1 غير الحل العسكري البحت. استسلام المحليين وهم بكامل قوتهم لم يخطر له أبداً.

“هاها.. هيه~” توقف روبين عن الضحك بقوة ومسح الدموع من عينيه. “كلا، لا أعرف ما جرى. لم أكن حتى من أرسل آرو إلى هناك، لكن فعلة كهذه لا تخرج إلا منه.”

“أي فعلة، معاليك؟ هل لديه نوع من السحر؟ لكن لماذا لم يتحدث الجنرال الأعلى ساكار عن شيء كهذا أثناء مواجهته؟” سألت الجنرالة فيكتوريا، معبرة عن ما يدور في أذهان الجميع.

“بعض الناس يخوضون المعارك هنا أولاً.” أشار روبين إلى رأسه بضع مرات. “ليس كل شيء يجب أن يُحل بالعضلات. لماذا تصل إلى حرب إبادة ضد مجموعة من المحليين إذا تمكنت من إيجاد ما يغريهم بقبول وجودك؟”

“أنا متأكد أن الجنرال أليكساندر قد حاول تجربة هذا. أيٌّ منا سيحاول.” قال الجنرال مارتن، دون أن يبدو مقتنعاً.

أما روبين فهز رأسه قائلاً: “فكروا في الأمر. لقد كان آرو هو من تمكن من إقناع عشرات الأجناس بأن يكون قائداً عليهم، مع أنهم جميعاً كانوا عالقين في المستوى 40 وكان بإمكانهم التحالف ضده وقتله. أقنع رؤساء القبائل أن يبدأوا موجات الجنود الخمسة التي أودت بنصف جيشهم، ثم أقنعهم بأن يؤيدوه في حروب التضحية الداخلية لقتل البقية، حتى إن بعضهم ضحى بكامل جنسه راضياً. وبعد ذلك، تمكن من إقناع أعداد كبيرة من محليي عالمه بأن يلزموا مدنهم ليكونوا طعماً للسفن الحربية، حتى يتمكن من تهريب قبيلته.”

“هل تحاول تصويره على أنه المحاور رقم واحد تحت السماء أم ماذا يا أبي؟” ضحك قيصر بسخرية. “لقد أخضعت الكثيرين بالتفاوض أكثر من مرة، لكن في كل مرة كنت تتخذ موقف قوة من الناحية العسكرية أولاً. أما ذلك الآرو، فقد ذهب لهم ونحن في موقف ضعف، أو مساوٍ على أفضل تقدير. كيف فعلها؟”

“من يهتم بما فعله؟ أليست النتيجة هي المهمة؟ أياً كان ما فعله، طالما نجح، فأنا أدعمه.” لوح روبين بغير اهتمام. “أن تجد المدخل المناسب للشخص أمامك هو فن التفاوض بعينه.”

ثم رفع حاجباً ونظر نحو السقف قليلاً. “بالتفكير في الأمر، لولا استسلام آرو على قمة ذلك الجبل وخضوعه الكامل، لما حصل على مكانته الحالية. قال إنه يريد الموت، لكن انتهى به الأمر بوعد بالحصول على مكانة حاكم. لو فعلاً أراد الموت، ألم يكن ليحاول الهرب أو مهاجمتي؟ لو فعلها لقتلته… ها~ أعتقد أنني كنت أحد ضحاياه بطريقةٍ ما.”

ضحكت الجنرالة كاسيا والجنرالة فيكتوريا ضحكة خفيفة. بدا أن معاليه يتحدث عن أنه تم خداعه، لكنه كان سعيداً بلا شك. هذا كان مطمئناً، لأنه أظهر لهم حبه لرؤية قدرات أتباعه تنمو.

أما قيصر، فلم يكن منبهراً بما سمعه. بل ازدادت نظرته نحو آرو حرصاً. أياً كان ما فعله هناك، فهو بالتأكيد ليس شيئاً سيوافق عليه.

“على أي حال، ماذا يجري في الكوكب أر-1 الآن؟” لوّح روبين وسأل ثيو مبتسماً. إحدى المشاكل التي أقلقته حلت نفسها، فلما لا يفرح؟

أجاب ثيو بسرعة: “آرو قد غادر الكوكب بعد الإعلان، ومعه الكهنة التسعة. الحاكم أليكساندر الآن في مفاوضات مع زعيم المحليين على تفاصيل التعايش. المفاوضات تعثرت منذ البداية لكنها مستمرة. كما أن الحاكم لم يأمر بتراجع الجيش أو تفكيك المصفوفات. كل شيء ما يزال قائماً حتى اللحظة. الجو متوتر بعض الشيء، لكن القتال توقف كلياً.”

أومأ قيصر راضياً. هذا ما يتوقعه من الجنرال الأول في جيشه.

“أوه؟ تراجع بهذه البساطة والسرعة؟ ذلك الآرو ليس سهلاً فعلاً.” نقر روبين على ذقنه عدة مرات. لابد أن ذلك الشاب ذا القرون كان يضحك وهو يغادر، وكان يقول في سره: “لقد أعطيتكم طرف الخيط، أروني لو كنتم تستطيعون سحبه!”

“…أرسلوا العجوز غو ليتولى هو المفاوضات عوضاً عن أليكساندر. ذلك العجوز لديه طرقه الخاصة. وأيضاً…” ربت روبين بضع مرات على ذقنه. “كيف تجري معاملاتنا مع كوكب جودا؟”

أدهش التغير المفاجئ ثيو، لكنه أجاب على أي حال: “تسير بوتيرة جيدة نوعاً ما. إنهم يشترون منا الطعام بكميات كبيرة مقابل درر عنصرية من فئة الجليد والنار. كما يشترون أيضاً أساور ضبط حرارة الجسد، لكن تصميم المصفوفات من أجلهم مُعطل حالياً بسبب الحروب المتواصلة، وهم يتفهمون ذلك.”

“علاقة جيدة إذن، جيد…” أومأ روبين عدة مرات، ثم طق إصبعه قائلاً: “أريدك أن تأتي بالملك فولب والملك شامشون وترسلهم مع العجوز غو.”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

إجمالي دعم هذا الشهر:245$.

+ اي 5$ فوق الـ 150$ الاساسيين = فصل اضافي.
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 49/20

من Zeus

-+=