الضوء بدأ يتجمع بسرعة في هيئة بشرية و كلما اقتربت من الكمال كلما تباطئ الزمن حولهم حتى توقفت الحشرات في منتصف الجو من الضرب بأجنحتهم تماماً عندما اكتملت الهيئة بشرية تماماً، لم يكن له ملامح.. فقط ضوء خالص متجمع على هيئة جسد قوي البنيان، و عندها قال الرجل من الضوء ” ماذا تكون بالضبط ؟ هل انت إنسان حقاً ؟”

=” …أهذه مزحة؟ انت من تكونت من العدم على هيئة ضوء لعين و تسألني ما إن كنت انا الإنسان؟ هاي.. ان كنت ملك الموت فخذني و خلصني، لا تعبث معي فأنا لدي ما يكفيني!” قال روبين ممتعضاً

-“لا انا لست ملك الموت.. انا انسان مثلك، إندهشت عندما أنبأني قانون الحقيقة بأن شخص اخر إستطاع إتقان المستوى الأول منه فجئت لأرى بنفسي.. لكن إستغرابي زاد عندما رأيت هذا الكوكب، انت.. وجودك نفسه يجب ان يكون مستحيل!” قال الرجل من الضوء بينما تبدو الحيرة على ملامحه البسيطة

=” وجودي؟ يا هذا فسر كلامك بسرعة فأنا شخص ميت ولا املك الوقت ”

-” انت لن تموت إن لم اسمح انا بهذا، اطمئن.. و بالنسبة لمعنى كلامي، انت حالياً تعيش في ما نسميه بكوكب ناشئ، معم القوانين لم تُكتشف بعد و ما يزال الكوكب يستجمع طاقة من الفوضى البدائية حوله ليغزي سكانه و يقويهم، في حالته تلك اقصى ما يمكن للكوكب فعله هو إعطاء مواهب معينة لبعض مخلوقاته مثل ذكاء او روح اقوى او بنية قوية.. او.. ما إلى ذلك~ حتى تكبر تلك المخلوقات ليصبحون حكماء و يساعدوا في كشف بعض القوانين و تقوية بقية الخلق و بالتالي الكوكب نفسه يصبح اقوى..
لكن انت.. انت لم يجدر بك اكتشاف مسار الحقيقة! كوكب تاريخ البشر فيه لم يتعدى بضع عشرات الآلاف من السنين قطعاً ليس جاهز لهذا بعد، كان يجب الإنتظار لمئة ألف عام اضافية على الاقل قبل ان يبدأ السكان ببدأ إستكشاف الحقيقة! اخبرني.. كيف فعلتها؟”

صمت روبين قليلاً فيما يحاول إستيعاب الكلام.. كوكب ناشئ؟ غير جاهز .. مئة الف عام؟ أهو يهزي قبيل موته؟ لكنه وضع هذه الفكرة جانباً، حتى لو كان يهزي و يكلم نفسه فلا ضرر من استرجاع الماضي لمرة اخيرة~

بدأ يحكي الرجل من الضوء قصة حياته منذ مولده حتى هذه اللحظة…

-” هيه~ لا اعلم ما إن كان الكوكب محظوظ ام متعوس بوجودك فيه.. بدلاً من التصرف بكائن مطيع و تصبح حكيم ذهبت و سرعت عملية تطوره لعشرات آلاف السنين دفعة واحدة..” تنهد هز رجل الضوء رأسه

=” هيهي اسف على لعبي في النظام.. اعتقد~ لكن أهذا يهم؟ كل ما سيبقى مني هو المخطوطات التي كتبتها عن القوانين الثانوية، أمام قانون الحقيقة سيموت معي.. لقد توقف قلبي بالفعل”

-” اخبرتك انك لن تموت إلا ان سمحت انا بهذا! .. روبين، أتريد فرصة اخرى؟” رجل الضوء قال ببطئ

=” فرصة؟ اي فرصة..؟ حتى لو عرضت ايقاف الوقت حتى أرسي دعائمي من مسار الحقيقة فلن اوافق.. لا اريد ان اعيش بضع سنين اضافية و انا بهذه الهيئة.. لكن لو اوقفته حتى امرر القانون لإبني قيصر سأكون شاكراً لك” قالها روبين بصوت هادئ، لقد تقبل ما سيحدث له بشكل كامل

-” ابنك؟ .. تقصد الفتى الذي يسحب طاووس دم العملاق في الخارج؟ سأجلبه من اجلك” بمجرد التفكير ظهر قيصر بجوار سرير والده في وضعية سحب شئ خلفه، ثم تم ابطال ايقاف الوقت عليه فإلتصق بالحائط

“اللعنة! ما الذي يـ-..” وقف الكلام في حلق قيصر عندما نظر حوله رجل الضوء و والده العجوز ينظران نحوه

رجل الضوء رجع لينظر روبين “لقد جلبته لك ليس من اجل ان تمرر له القانون، بل من اجل ان يشهد على محادثتنا فلا يصعب عليك شرح الامر له لاحقاً.. انظر يا روبين ، انا استخسرك في الموت. شخص مثلك يجب ان لا يموت في هذا العمر الصغير.. مع ان هذا الكوكب ليس تحت سيطرتي إلا اني سأخترق القوانين من اجلك هذه المرة.. اتمنى ان تتذكرني لاحقاً!” ثم رفع يده و وجهها نحو روبين الذي وسع عينيه على أخرهمها، و قيصر يشاهد لا يعرف ماذا يحدث، إلا انه لم يحاول التدخل

غلف الضوء روبين و رفعه فوق سريره ثم بدأت تحدث تغييرات في جسده على الفور..جسده الضعيف البالي بدأ يُصلب و التجاعيد في وجهه الذي رسمت تعب قرن و نصف بدأت تزول، قيصر فتح عينيه فمه على مصراعهما و هو يشاهد هذا التغيير المفاجئ

*ياللهول… ياللهول .. ياللهول..!!* قلب قيصر يكاد ينفجر من شدة الحماسة و هو يرى والده الذي كان يحتضر يستعيد رونقه و شبابه، كانت عملية بسيطة اخذت حوالي 5 دقايق.. لكن قيصر شعر انها لن تنتهي ابداً

عندما ابتعد الضوء عن روبين اخيراً و تركه يسقط فوق سريره بقوة “اخخخ اخخ اخخ.. هذا لم يكن له داعٍ! ما الذي فعلته بي؟” صرخ روبين مشيراً بإصبعه نحو رجل الضوء، عندما لاحظ بطرف عينه ان هذه ليست يده.. “اه!!”

إستخدم يده الاخرى ليفحص التي يشير بها لكن لاحظ ان يده الاخرى ايضاً متغير.. *هذه أيادي طفل!* ثم نظر ناحية قيصر فوجده فاتحاً فمه و عينيه و ينظر له بإندهاش ” اغلق فمك و اذهب و احضر لي مرآة ايها اللعين!” صاح عليه روبين، قبل ان يلاحظ ان صوته ايضاً اصبح صوت طفل..

جلب قيصر المرآة بسرعة و اعطاها لوالده ، توقع سيزر ان يصرخ والده و يهاجم رجل الضوء فور رؤية نفسه، لكنه قوبل بصمت.. صمت استغرق بضع دقائق ثم انهمرت دمعة وحيدة من عين روبين “هذا.. انا… هذا انا عندما كنت صغيراً..” قالها بصوت مختنق و كأنه يحاول كبح نفسه من الكباء بحُرقة

-” لقد إستخدمت مستويات متقدمة من قانون الزمن الرئيسي و قانون الحياة الرئيسي لإرجاع جسدك ليكون بعمر الـ12، هذا ايضاً أزال كل الزراعة من جسدك، لكنك ما تزال محتفظ بقوة روحك و ذكائك الأصليين، كما اني حافظت على ذاكرتك، كل القوانين التي كشفتها و أتقنتها يمكنك إستعمالها عندما تجمع بعض الطاقة في جسدك.. اتمنى ان تستغل فرصتك الثانية بشكل جيد، دعنا نلتقي مجدداً في الوقت المناسب” اعاد رجل الضوء الزمن في الكوكب لطبيعته ثم بدأ جسده يتشتت.. كان على وشك المغادرة

=”أ – أنتظر!! لماذا انت مستعجل؟ على الاقل اخبرني من تكون!! و ايضاً.. أيمكنك فعل ما فعلته بي لقيصر؟” صرخ روبين ملوحاً بيده لرجل الضوء

-“همم؟ الفتى ما يزال في العشرينات من عمره و موهبته جيدة، لماذا تريد إرجاعه لطفل؟” استغرب رجل الضوء و قاال

=” انه ابني!! الان بعدما وصلت للمستوى الاول في قانون الحقيقة سيصبح إتقان بقية القوانين اسهل، اريد ان اقبض له قانون رئيسي من اجله ليصنع به اعمدته ، بالتأكيد ستكون اقوى من مجرد اعمدة ثانوية!”

-“…اتعلم انك وقح جداً؟ المفترض ان تهابني و تركع امامي بعدما رأيت ما بإمكاني فعله، لكنك تحاول إستغلالي اكثر؟” لم يكن يعرف رجل الضوء يبكى ام يضحك
=” اركع؟ انس الأمر.. انا لم اركع لمصيري! فقط افعلها لو كان بمقدورك، سأكون مديناً لك بواحدة اخرى!” صدم روبين على صدره

لم يكن يدري رجل الضوء ما يقوله لكن إستسلم في النهاية و أشار على قيصر فغلفه الضوء ايضاً، اثناء العملية نظر لروبين و قال “دعني انصحك حتى لا تضيع وقتك، هذا ليس إعادة بعث بل مجرد ارجاع الحيوية لنقطة معينة من الزمن، انها تقنية تشوبها العيوب.. و احد تلك العيوب هو ان ابنك سيكون عليه بناء أعمدته من احد فروع او المسار الرئيسي لنفس القانون الذي بنى به اعمدته سابقاً.. يعني ان إن كان بناها سابقاً بقانون ثانوي له علاقة بالنباتات، سيكون عليه بنائها مجدداً من قانون ثانوي للنباتات، او القانون الرئيسي للنباتات بحد اقصى.. و إلا فأي حكيم يكتشف مسار اقوى سيجري هذه العملية على نفسه و يبني أعمدة جديدة! ”

-“اوه؟ هنالك شئ كهذا ..؟ كنت أنوي اعطائه قانون الحقيقة .. لا بأس، القانون الرئيسي للنار ليس سئ ايضاً” قال روبين و قد اُحبطت عزيمته قليلاً،

لو سمع الحكيم المؤسس لإمبراطورية اللهب هذا لشنق نفسها بلباسه الداخلي.

من Zeus

-+=